احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة ( 8 )
بكرى سوركناب
مواصلة لما بدأنه حول القانون الجنائى والجدل
الكثير الذى دار حوله ومحاولات الجبهة تمريره بواسطة ضغوط كثيرة على حكومة الوفاق
والصادق فقد قال عنه ريتشاد موكبى وزير الحكومات المحلية حينها : ( ان الاحزاب
الجنوبية تعارض قانون الترابى دفاعا عن الفقراء الذين تمثلهم وهو قانون اسوأ من قوانين سبتمبر ) وهدد جوشودى
وال وزير الرياضة بانسحاب الاحزاب الجنوبية من المشاركة فى الحكومة .
ومن داخل حزب الامة نفسه عارضته بعض القيادات
المعروفة قال بكرى احمد عديل : ( قلنا عن
قوانين سبتمبر انها لا تساوى الحبر الذى كتبت به .وقلنا ان المجتمع السودانى ما
زال محتاجا الى تربية وتنشئة ثم يصلح بعد ذلك لتطبيق القوانين الاسلامية . وعليه
اذا كانت حجتنا الماضية صحيحة فما زال هناك فى وضع فى المجتمع السودانى يتطلب
العلاج قبل تطبيق القوانين الاسلامية ) . انتهى
ولم تتوقف معارضة القانون الجنائى طوال فترة
مناقشته وابدت الحركة الشعبية للحوار مع الحكومة على شريطة تأجيل القوانين
الاسلامية الى حين انعقاد المؤتمر واصدرت
نقابة المحامين بيانا جاء فيه : ( يؤسفنا ان نعلن لجماهير الشعب السودانى ان مشروع
الجبهة الاسلامية الذى حمله النائب العام لمجلس الوزراء ليعمل منه مشروع قانون
يقدم للجمعية التأسيسية باسم الحكومة ماهو الا مسخ مشوه لقوانين سبتمبر
................ ) . البيان تحدث عن القانون باسهاب شديد اوضح خطورته على الوحدة
الوطنية فى البلاد .
وفى ندوة عقد بلندن تحدث فيها فاروق ابو عيسى
ذكر موقفهم الثابت حول رفض هذا القانون مع نقابة المحاميين ومع جمهرة المحاميين
السودانيين فى نضالهم ضد هذا المشروع الذى هو ليس اكثر من صورة جديدة لقوانين
سبتمبر وان هذا القانون يعد انتهاكا واضحا
لمبدأ انسانى واساسى منصوص عليه فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان .
وقال عنه ايضا دكتور امين مكى مدنى ( مشروع
القانو يفرق بين المسلمين وغير المسلمين لأن المسلمين فى الجنوب لا تنطبق عليهم
الحدود والمسلمين فى الشمال تنطبق عليهم
الحدود ويفرق بين المسيحى والمسيحى لأن المسيحى فى الشمال تنطبق عليه الحدود والمسيحى فى الجنوب او غير المسلم فى الجنوب لا
تنطبق عليه الحدود فكيف يمكن لدولة ( اسلامية ) ان تستثنى مسلمين من قانون يقولون
انه جاء من الكتاب والسنة ) .
بالطبع كانت هناك دفاعات من الجبهة الاسلامية
كثيرة جدا يقول احد اقطابها ومن الذين صاغوا القانون ( واذا كان الجنوبيين يهددون
بالانسحاب اليس من حقنا نحن كشماليين ان ننسحب ايضا ونكون لنا برلمانا اخر ......
والذى لا يقبل بهذه القوانين فلينسحب ايضا .... اى انسان يطالب بالسلام فى ظرف
الحرب غير صادق فى نواياه ..... دعاة المؤتمر الدستورى ضد الشريعة هم يتوهمون أننا
سنتنازل عنها كى يمرروا مخططاتهم ضدها عبر المؤتمر الدستورى ) .
ولم تكتفى حكومة الوفاق من محاولة تمرير قانون
الجبهة الاسلامية بل استغلت ظروف كارثة السيول والفيضانات وقامت فى مارس 1988
بتجديد لائحة الطوارئ وادخال تعديلات عليها فى سرية تامة حيث اجازت الاعتقال
التحفظى ومنعت الاجتماعات والمظاهرات والندوات والجمعيات العمومية للنقابات
والاضراب عن العمل وتحديد الاقامة والحركة وحظر التجول والتفتيش دون اوامر قضائية
وقد قال عنها الصادق الشامى المحامى عضو مجلس نقابة المحامين : ( انها تهدر الحريات
العامة وتتعدى على الحقوق الأساسية للمواطنين وترجع بالبلاد الى قانون امن الدولة
ايام النظام المايوى المباد ) .
استمرت النقاشات حول القانون الجنائى وانقضت مدة
الشهرين التى حددتها الجبهة الاسلامية دون اجازته ودون انسحاب الجبهة الاسلامية وفى
سبتمبر اصدر مجلس الوزراء بيانا رسميا بتحويل الخلافات المستعصية الى الجمعية
التأسيسية وحول تحويل القانون الى الجمعية التأسيسية فقد قال عنه الدواجو : ( ان
ادخال القانون دائرة الجمعية التأسيسية قبل حسمه فى مجلس الوزراء يعنى التوجه
لاجازته بالاغلبية الميكانيكة داخل الجمعية التاسيسية فى قضية لابد من حسمها
بالوفاق ) .
ورفعت كتلة المعارضة البرلمانية التى يتزعمها
اليابا سرور مذكرة انتقدت فيها القانون وقدمت عرضا موجزا لرؤية الاحزاب الافريقية
للخلفية التاريخية لمشروع الدولة الدينية فى السودان . وقامت نقابة المحاميين
بتحرير مذكرة ناشدت فيها اعضاء الجمعية التأسيسية والحكومة عدم التسرع والاستعجال
فى اجازة القانون الجنائى الذى اعد على عجل وصياغته تمت بليل بعيدا عن الحوار
والتداول . واكدت المذكرة على ضرورة اتاحة الفرصة وافساح المجال للحوار الجاد فى
اوساط الخبراء القانونين . جاءت معارضة القانون ايضا من اصرار اعلام الجبهة ورئيس
الوزراء بأن القانون تمت اجازته من مجلس الوزراء ومع اشتداد الضغوط صرح الصادق
المهدى بأن القانون لم تتم اجازته فى مجلس الوزراء وان التباسا حدث فى الموضوع .
تقدم حسن شيخ ادريس باقتراح من سبعة نقاط لحسم
الخلافات واجازت الجمعية التأسيسية اقتراحه وبعد تقدمه بالمقترحات وقف نائب الجبهة
الاسلامية محمد عثمان مكى ملوحا بالقانون مصرا على ان هذا ما يجب التصويت عليه
ورفضت الجمعية التأسيسية اقتراحه بالاجماع . كما اصر اعلام الجبهة على ان الاتفاق
السياسى على النقاط السبعة انما هو اجازة للقانون فى مرحلة القراءة الثانية وان
تحويله من مجلس الوزراء الى الجمعية التاسيسية هو اجازة له .
نواصل
No comments:
Post a Comment