حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى
السودان (12)
بكرى سوركناب
وعن طريق ترسانتها الاعلامية عملت الجبهة
الاسلامية القومية على تأزيم الوضع السياسى وتوسيع الخلافات بين الحزبين بهدف فض
الائتلاف واعادة تشكيل مؤسسات الحكم . وبعد شهرين من هذه المكايدات السياسية اطل
الصادق المهدى فى مؤتمر صحفى ليعلن استمرار الائتلاف وتمديد فترة المشاورات
السياسية وبدلا من الحديث حول ازمة الحكم شن الصادق هجوما عنيفا على التجمع
النقابى وانتقد مذكرتهم التى تقدموا بها معللا ذلك بانها غير موضوعية ركزت على
السلبيات وتناست الايجابيات وانها تتبنى فكر حزبى معين وغير موفقة فى توقيتها
وتبنت الحل السلمى لمشكلة الجنوب دون ان تدين حركة قرنق وانها نادت بتمثيل القوى
الحديثة وهذا غير موجود فى ميثاق التجمع ...... الخ .
كانت هذه المرة الاولى التى يشن فيها
الصادق هجوما واضحا ضد التجمع النقابى وهى احد القوى الموقعة على ميثاق التجمع وقد
كان رد التجمع النقابى واضحا وسريعا وعلنيا فقد رد التجمع على لسان اسحق القاسم
شداد المحامى سكرتير نقابة المحامين والناطق الرسمى باسم التجمع جاءت فيها النقاط
التالية :
*ان السيد رئيس الوزراء ركز جل خطابه على
مهاجمة مذكرة التجمع النقابى ولم يتطرق الى ازمة الحكم المتمثلة فى التصدى لقضايا
السلام والحرب الاهلية والازمة الاقتصادية المتفاقمة .
* ان التجمع رفع مذكرته تأكيدا على ان
التجربة الديمقراطية نتاج عن كفاح طويل تؤّج بانتفاضة مارس ابريل وكان للتجمع
النقابى دور مشهود فيها . وانهم لم ينشروا المذكرة فى الاعلام الا بعد التأكد من
وصولها الى الجهات المعنية .
* التأكيد على ان التجمع النقابى ليس
منظمة سرية بل هو تجمع نضالى علنى له دوره فى الحياة العامة فى السودان
* التجمع سينشر ردا مكتوبا على انتقادات
رئيس الوزراء ويأمل ان يجد حظه اعلاميا كما وجد خطاب رئيس الوزراء وتنشره الاجهزة
الاعلامية الرسمية .
* ان الازمة السياسية فى البلاد ليست
وليدة مذكرتهم بل هى نتاج لسياسات فاشلة فى تكوين حكومة فاعلة وقادرة على تنفيذ
برامجها وتتحمل المسئولية فى تحقيق السلام والبناء الوطنى . وان المؤتمر الصحفى
لرئيس الوزراء اهدافه معاداة قوى الانتفاضة وخلق فرص لاشراك القوى المعادية
للانتفاضة .
كما ناشد التجمع النقابى كافة قوى
الانتفاضة والنقابات والاحزاب السياسية التحلى باليقظة والحزر والتمسك بمواثيق
الانتفاضة والعمل على ترسيخ اهدافها وعدم الانجرار نحو اى معارك جانبية تخدم فى
النهاية مصالح القوى المعادية لقوى الانتفاضة .
وصف الناطق الرسمى لتجمع النقابى هجوم
الصادق المهدى بأنه ( محاولة لقطع شعرة معاوية مع التجمع ) فى اشارة واضحة الى
تبرم الصادق المهدى وغضيه من المذكرة ومن المعارضة الواسعة التى وجدها من قوى
الانتفاضة والنقابات وادت هذه المذكرة دورها تماما وخاصة داخل حزبى ( الامة
والاتحادى ) والى فرز الكيمان داخلهما .
وصعّدت النقابات من اضراباتها ومطالبها
وشهدت هذه الفترة موجة من الاضرابات والمطالبات النقابية شملت نقابة الخطوط الجوية
السودانية والمعلمين والزراعين وعمال السكة حديد ..... وغيرها . وقد وجد اضراب
واعتصام نقابات سودانير تضامنا كاملا من كل النقابات ووقفت مع مطالبها اكثر من 70
نقابة اعتبروا ان الامر بداية لتصفية مؤسسات القطاع العام وتشريد العاملين فيها
تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولى . ونفس هذا التضامن كان حيال نقابة المعلمين فى
مطالبها بتحسين شروط الخدمة وهى تعتبر مطالب كل النقابات .
لم يجد السيد رئيس الوزراء سوى الانفعال
والغضب وعقد مؤتمرا صحفيا شن فيه هجوما عنيفا على النقابات واتهمها باللعب
بالقانون وعدم مراعاة ظروف البلاد واعلن بانه فوض وزرائه تفويضا كاملا للتصدى بما
اسماه هذا العبث دون اى رحمة وردت عليه النقابات بأنها تناضل من اجل حقوق مشروعة
وان الاضراب هو سلاحها الوحيد فى ظل تعنت الحكومة .
نواصل
No comments:
Post a Comment