Saturday, 18 January 2014

حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (14)



حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (14)
بكرى سوركناب

فى اكتوبر 1987 اعلنت الحكومة اتفاقها مع صندوق النقد الدولى ومع ضغوط المعارضة اعترف وزير بانه اجراء مؤسف ولكن لابد منه . ولكن الواقع يقول ان الحكومة تنازلت عن برامجها ورضخت لشروط صندوق النقد الدولى وفتحت الطريق للبنك الدولى للاشراف مباشرة على البرنامج الرباعى للاصلاح والتنمية والواقع يقول ان هذا الاتفاق ذات نفسه لن يساعد الحكومة للخروج من ازماتها السياسية والاقتصادية وذادت الازمة استفحالا بتعثر عملية السلام وتقارب الاحزاب الحنوبية مع الحركة الشعبية ودخول الحركة الشعبية الكرمك وقيسان علق مراسل الدستور فى الخرطوم على هذا الوضع قائلا ( لقد دخل السودان فى منعطف حرج .... فالأرث المايوى لا يزال قائما فى تشريعاته وسياساته الاقتصادية والوحدة الوطنية مهددة بتصاعد الحرب الاهلية واتساعها... والتخبط فى السياسات الاقتصادية يفاقم من تردى الاوضاع المعيشية وحالة الاحباط العام تتسع وسط مختلف فئات الشعب ... والتحدى الذى يواجه الحكومة الائتلافية وقياداتها السياسية هو هل ستحسم امرها وتواجه مشاكل  البلاد بحزم ومسئولية ام انها ستظل مشغولة بصراعاتها الحزبية والطبقية والشخصية الضيقة لتفتح الطريق لانهيار التجربة  الديمقراطية الثالثة ؟؟؟؟ ...... الخ انتهى .
وصلت الازمة بخطاب قصير وجهه رئيس الوزراء الى الجمعية التأسيسية فى مارس 1988 طلب فيه اعادة تفويضه لتشكيل حكومة موسعة على اساس برنامج حدده فى سبع نقاط وبذلك انفتح الطريق الى دخول الجبهة والطفيليين الى سدة الحكم ودخلت البلاد فى ازمة جديدة . ظلت قوى الانتفاضة والنقابات فى كل المراحل تؤكد ان ازمة الائتلاف لا يمكن حلها خارج اطار قوى الانتفاضة ومواثيقها وبرامجها لأن النظام القائم يستمد مشروعيته من انتفاضة مارس / ابريل 1985 وانكار هذه الحقائق وتجاهلها لا يؤدى الا الى تفاقم الازمة الوطنية الشاملة التى تعيشها البلاد ولكن السيد رئيس الوزراء وقيادة حزبى الائتلاف تجاهل كل ذلك وتراجع امام ضغوط الازمة الاقتصادية والسياسية ليرتمى فى احضان القوى المايوية .
اسباب كثيرة ادت الصادق المهدى الى التراجع البعض يرجعها الى ضغوط الفئات الطفيلية حتى داخل حزب الامة واخرين يرون انها حسابات ذاتية لتحجيم الحزب الاتحادى وتطويع الجبهة الاسلامية من خلال توريطها فى مسئولية الحكم واضاع فرصة تاريخية قد لا تتكرر مرة اخرى ليكون رمز وزعيم للوسط السياسى فقد تخلى عن برنامج قوى الانتفاضة وتوترت علاقاته مع النقابات وقوى الانتفاضة واليسار التى ظل ينتقدها ويهددها باستمرار وانحسرت شعبيته يقول دكتور حيدر ابراهيم عن الصادق المهدى : ( يتحدث عن نهج الصحوة والقوى الحديثة والعقد الاجتماعى والمؤتمر الدستورى فى مقابل اسلام الطوارئ وبيعة الزور الذى تمثله الجبهة الاسلامية حسب تعبيراته وبعد ايام يبرز  الزعيم الطائفى التقليدى فى الجزيرة ابا وود نوباوى يهدد القوى الحديثة بسيف العشر .... يتحدث الاول عن كنس اثار مايو واحالة قوانين سبتمبر الى مزبلة التاريخ ثم يعود الثانى ليبرر دخول بقايا مايو فى الحكم بحجة ان الانتخابات ايدت الجبهة الاسلامية وهذا هو خيار الشعب ...... الخ ) انتهى حديث دكترو حيدر ابراهيم .
حدثت مكايدات سياسية كثيرة ما بين احزاب الامة والاتحادى والجبهة الاسلامية فى قضايا كثيرة وخاصة قضية السلام وانهاء الحرب الاهلية وعلى اى حال تداخل المصالح والتوجهات السياسية بين هذه الاحزاب هو الاساس الرئيسي لالتفاها مع بعضها البعض رغم تضارب كثير من المصالح بينها ويؤكد هيمنة الزعامات الدينية والسياسية بداخلها ودخول الجبهة الى المشاركة فى الحكم فى حكومة الوفاق اضيفت الهيمنة الراسمالية الطفيلية المايوية .
نواصل

No comments:

Post a Comment