احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة ( 7 )
بكرى سوركناب
تحدثنا فى المقالات السابقة حول فشل الحكومة فى تطبيق اى من
سياساتها الاقتصادية والاصرار عليها وعدم الاعتراف بفشلها وكيف ان صحف الجبهة كلها
كانت تدافع عن هذه السياسات وكيف انها حاولت كبت الحريات باصدار قانون الطوارئ
الذى يمنع حق التظاهر وانها ايضا لم تستمع الى كل النداءات التى وجهت لها من قوى
الانتفاضة والنقابات باصرار عجيب بالاضافات الى الصراعات والمكايدات السياسية بين
احزاب حكومة الوفاق الثالثة كتب احد
الصحفيين فى صحيفة الراية وقتها بتاريخ 22 / 12 / 1988 : ( كنت اتوقع ان يتجه
وزراء حكومة الوفاق نحو المنافسة فى مجال الانجاز وان يتركوا الصراع الحزبى جانبا
تحقيقا لمصلحة هذا الشعب الذى يجب ان يرى حكومته المنتخبة فى مستوى رفيع وليس فى
هذا المستوى الوضيع ) . انتهى
ومع كل ما ذكرنا حول السياسات الفاشلة كانت هناك مكايدات فى جانب
اخر وهو الغاء قوانين سبتمر وصياغة قوانين جديدة وكيف ان الجبهة الاسلامية كانت
تحاول باصرار تمرير مشروع قانونها القانون الجنائى . كانت هناك ثلاثة مشاريع
قوانين قدمت الاول قدم من نقابة المحامين استغرق انجازه ثلاثة اشهر واشترك فى
صياغته اكفأ المحامين والثانى مشروع لجنة الوفاق التى تراسها ميرغنى النصرى وشارك
فى اعداده كل الاحزاب بما فيهم الجبهة الاسلامية والثالث اعدته لجنة مشتركة ما بين
حزبى الامة والاتحادى .
وصلت المفاوضات الى الغاء قوانين سبتمبر وصياغة قوانين بديلة
مستمدة من الشريعة والعرف اتفقت حوله كل الاحزاب ما عدا الجبهة الاسلامية القومية
التى اصرت على الغاء قوانين سبتمبر وصياغة قوانين اسلامية بديلة ورفضت التوقيع على
الاتفاق ما لم يتم الالتزام باصدار قوانين اسلامية خلال شهرين ورفضت كل الاحزاب
التفاوض مع الجبهة ولكن الصادق المهدى فاجئ الجميع وتعهد للجبهة يقضى باجازة
القوانين الشرعية قبل عطلة البرلمان فى موسم الخريف يقول فى ذلك اليابا سرور ( بعد
رحلتنا الى اديس ابابا وشرق افريقيا اتصلنا بالصادق والميرغنى وعلى هذا الاساس قدم
ميثاق السودان الانتقالى ووقع عليه 17 حزبا . وتكونت لجنة الوفاق للوصول الى اتفاق
حول القوانين البديلة . وقبل ان ينفذ الصادق المهدى ما وعد به اعلن امام الجمعية
يوم 15/ 3 / 1988 طلبا لتفويضه وخلق ازمة سياسية ..... ) .
وبدأت الجبهة تضغط على الحكومة لتمرير قانونها قدم الترابى وزير
العدل والنائب العام قانون جنائى جديد فى سرية تامة وقد طلبت نقابة المحامين نسخة
منه بناءا على مذكرة لرئيس الوزراء الا ان النقابة تسلمت ردا من الامانة العامة
للمجلس تشير الى ان النقابة ستمنح نسخة من القانون فى حينه . اثار القانون الجنائى
اهتماما واسعا وناقشته جهات عديدة وشكل صراع كبير ما بين قوى الانتفاضة والجبهة
وحلفائها وقال القانونيين كلمتهم من خلال ندوات وبيانات عقدت فى دار المحاميين
وتشكلت لمواجهته هيئة شعبية للدفاع عن الديمقراطية والحريات مبينة خطورته على وحدة
البلاد والديمقراطية .
ورفضت كتلة المعارضة السودانية الافريقية القانون واعلنت انها
ستقاطع كل الجلسات المتعلقة بمناقشة القانون والانسحاب من عضوية لجنة السلام
والتضامن مع كافة القوى الوطنية خارج الجمعية التأسيسية من احزاب ونقابات ومنظمات
جماهيرية من اجل اسقاط القوانين التى تكرس للفرقة . تمسك الاتحادى بموقفه حول
القانو المشترك الذى تم اعداده هم وحزب الامة وحول انشغال مجلس الوزراء بمشروع
القانون الجنائى قال محمد عثمان الميرغنى ( الحكومة لا تلتفت بجدية نحو قضايا
المواطنين الاساسية ولم ترتب الاولويات وانصرفت الى مشاغل بعيدة عما يعانى منه
الشعب ) .
عن قانون الجبهة الاسلامية قال عضو الجمعية التأسيسية رئيس مجلس جنوب السودان انجلو بيدا : ( نرفض
تماما القوانين الجديدة واذا كان الشمال يريد تطبيق قوانين اسلامية فليس لدينا
اعتراض ولكن يجب ان تطبق فى الاقاليم الشمالية فقط . وأنبه الى عدم تطبيق تلك
القوانين فى العاصمة باعتبارها العاصمة الوطنية لكل الشعب شماله وجنوبه . واذا
اجيزت هذه القوانين بالطريقة الميكانيكة فلا خيار امامنا الا الانسحاب من البرلمان
) .
كثير هو الجدل الذى دار حول القانون الجنائى الذى تقدمت به الجبهة
وحاولت تمريره وكثيرين تحدثوا حوله وعن مخاطره فى وحدة البلاد ساتطرق الى بعضها فى
المقال القادم .
No comments:
Post a Comment