حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى
السودان (13)
بكرى سوركناب
وجدت الحركة النقابية تأييدا واسعا من قوى
الانتفاضة واحزاب التجمع وحزرت الحكومة من الصدام مع النقابات وانها لن ترهبها هذه
الوسائل التى استخدمها النظام المايوى ضدها ولم تفلح وطالبت بالمفاوضات مع
النقابات بدلا من اساليب العنف والقمع لأن مطالبها شرعية فى ظروف تدهور الاوضاع
الاقتصادية والارتفاع الجنونى للاسعار وخضوع الحكومة لسياسات صندوق النقد الدولى .
وبجانب كل هذه الاعتصامات والاضرابات
واصلت قوى الانتفاضة حتى فى احزاب ( الامة والاتحادى ) ضغوطها فى عدم اشراك الجبهة
الاسلامية فى الحكم وتراجع الصادق المهدى عن سياسته المعلنة ونجحت قوى الانتفاضة
من تحقيق اهدافها بفضل توحدها وتمسكها وبسبب الاتحادى الديمقراطى والاحزاب
الجنوبية وكانت الجبهة حزرة فى تحركها ومدركة لذلك واتهمت قوى اليسار والاقليات
وما اسمتهم العملاء بانهم لن يرضوا عن برامجها وجاء فى جريدة الراية الاتى : ( ان
الحوار للتوصل الى منهج قومى للحكم لن يرضى الاقليات من قبائل اليسار والعملاء
.... وها هى تحركاتهم فى التجمع قد بدأت لاحباط فرص التفاهم والوفاق الوطنى خدمة
لاعداء الوطن .... ) انتهى .
اعلنت الجبهة انسحابها من المشاورات بحجة
تعنت الاتحاديين واشتراطهم اشراك قوى اليسار فى اى اتفاق حول الحكم القومى . ولكن
وفى ذات الوقت تواصلت اخفاقات حكومة الوفاق وحول السيد رئيس الوزراء كل الحلول الى
ازمات خاصة فى خلافات الحزبين حول قضايا الحرب الاهلية والسلام والسياسة
الخارجية والاصلاح الاقتصادى وتوترت
الصراعات بين الحزبين وخاصة صراعات الاجنجة فى داخلهما وفى ذات الوقت اصرار الصادق
المهدى على الابتعاد عن قوى الانتفاضة والتقارب مع الجبهة الاسلامية .
تصاعدت موجة العداء بين الجبهة الاسلامية
القومية والاتحاديين حيث ترى الجبهة بان الاتحاديين سبب رئيسى لعدم اشراكهم فى
الحكم واساسا كانت هناك رواسب الانتخابات السابقة . بالاضافة الى نجاح الاحزاب
الجنوبية فى توحيد صفوفها حول قضايا الجنوب لشعورها عدم جدية حكومة الائتلاف حول
قضية الحرب الاهلية وتهميش دورهم ( تهميش السياسين الجنوبيين ) .
وتصاعدت موجة انتقادات قوى الانتفاضة فى
داخل الاحزاب والحركة النقابية ضد سياسات الصادق المهدى وبعض قيادات حزب الامة
والاتحادى لتراجعهم عن برامجهم المعلنة والتقارب مع الجبهة الاسلامية وتوجت هذه
الانتقادات بانعقاد مؤتمر تداولى لقوى الانتفاضة بمدينة ود مدنى شارك فيه اكثر من
ثمانين مندوبا من مختلف النقابات والاحزاب وحتى من داخل حزب الامة ذات نفسه واحتوى
البيان الختامى على : ( ان الازمة السياسية الراهنة ناتجة من ان الحكومات التى
تولت مقاليد الحكم بعد الانتفاضة ... خاصة الحكومة الائتلافية .. قد ادارت ظهرها
لكل امال وتطلعات الجماهير وعملت على تمكين اعداء الانتفاضة وتثبيت اقدامها فى
مواقع راكزة سياسيا واقتصاديا والمحاولات الجارية طوال العام المنصرم لاشراك
الجبهة الاسلامية فى حكومة قومية تنطوى على خطر حقيقى يهدد مكاسب جماهير الانتفاضة
) ودعى البيان جماهير حزبى الامة والاتحادى الى ممارسة دورها فى مواجهة هذا الخطر
وهكذا تضافرت هذه العوامل مع عوامل الحرب الاهلية والازمة الاقتصادية الى حل
الحكومة الائتلافية الثانية فى منتصف مارس عام1988 وفتح الطريق الى تكوين حكومة
جديدة .
ونواصل .
No comments:
Post a Comment