من اجل السودان والديمقراطية وحقوق الانسان

مدونتى الخاصة تحتوى على مقالات سياسية وثقافية وبعض من النثر والخواطر من اجل سودان معافى وسودان يسع الجميع

Friday 15 November 2013

احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (2 )


احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (2 )
بكرى سوركناب
كان الخروج من هذه الازمات هى ازمات جديدة فقد طلب الصادق المهدى اعادة تفويضه فى خطاب قصير القاه فى مارس 1988 لتشكيل حكومة موسعة على اساس برنامج جديد حدده فى سبعة نقاط اساسية مما ادئ الى صعود القوى التقليدية والجبهة الى كراسى الحكم فى الحكومة الائتلافية الثالثة .
يقول محمد على جادين فى كتابه ( تقييم التجربة الديمقراطية ) ص 202 : والبرنامج الذى طرحه الصادق المهدى امام الجمعية التأسيسية برزت بعض المؤشرات والاتجاهات الجديدة والخطيرة تمثلت فى الاتى :
·       البرنامج والخطاب تجاهل تجاهلا كاملا برنامج ومواثيق الانتفاضة وشعاراتها واهدافها الاساسية .
·       تجاهل البرنامج القضايا الاساسية التى تعانى منها البلاد فى مقدمتها الحرب الاهلية فى الجنوب والازمة الاقتصادية التى استفحلت وامتدت اثارها الى كل بيت .
·       فتح الخطاب الباب للجبهة الاسلامية ممثلة فى الفئات الطفيلية والتجارية والمصرفية المشاركة فى الحكم تحت غطاء الوفاق الوطنى وتوسيع قاعدة الحكم .
·       تبرمه من مختلف اشكال المعارضة السياسية والنقابية التى اتاحتها الحريات العامة المنصوص عليها فى الدستور الانتقالى فهناك فقرات استهدفت تقييد حرية النشاط النقابى والتنظيم الحزبى وحرية الصحافة من خلال ما اسماه بقانون تنظيم الاحزاب والعقد الاجتماعى بين النقابات والحكومة واصحاب العمل وقانون الصحافة والمطبوعات الجديد .
تهرب برنامج  الصادق من مواجهة ازمة الحكومة الائتلافية واسبابها لأن ازمة الحكومة الائتلافية لم تكن فى حاجة الى برنامج جديد او توسيع قاعدتها بل كانت فى حاجة الى المصداقية وربط القول بالعمل لتنفيذ برامجها المعلنة بالاضافة الى البعد عن الصراعات الحزبية والشخصية الضيقة والارتفاع الى مستوى المسئولية الوطنية .
واستند موقف قوى الانتفاضة الى ان ازمة الائتلاف لا يمكن حلها خارج النظام الديمقراطى القائم بالاضافة الى أن النظام القائم يستمد مشروعيته واستمراريته من انتفاضة ابريل 85 وما طرحته من مواثيق وبرامج ولكن رئيس الوزراء وقيادة حزبى الائتلاف تجاهل كل هذه الاشياء وتراجع امام ضغوط الازمة السياسية والاقتصادية وارتمى فى احضان القوى المايوية .
تعود عوامل عديدة اجبرت الصادق المهدى الى التراجع منها ضغوط الفئات الطفيلية داخل حزب الامة نفسه وحساباته الشخصية لتحجيم الحزب الاتحادى شريكه فى الائتلاف وتطويع الجبهة من خلال توريطها فى مسئولية الحكم .
وبالفعل سار الصادق المهدى فى هذا الاتجاه الى ان توصل حزبا الامة والاتحادى والاحزاب الجنوبية الى ( ميثاق الوفاق الوطنى ) الذى رفضته الجبهة فى البداية لأنها اصرت على اصدار قوانين اسلامية جديدة خلال شهرين من تكوين الحكومة وبتصرف غريب من الصادق اتصل بالجبهة وتعهد لها باصدار القوانين البديلة قبل ان تذهب الجمعية الى عطلة الخريف وعلى هذا الاساس قامت بالتوقيع على الميثاق .
وهكذا خضع لشروط الجبهة على حساب كتلة الاحزاب الجنوبية والحزب القومى السودانى وجاءت التشكيلة الوزارية لحما ودما وتكونت حكومة الائتلاف الثالثة من احزاب القوى التقليدية بالاضافة الى خمسة جنوبيين وواحد من الحزب القومى .
لقد قال اليابا سرور يومها عندما وقف باعتباره زعيما للمعارضة " ان منظر الجمعية التأسيسية سيبدو قبيحا عندما تنتقل الكتلة الافريقية السودانية لمقاعد المعارضة وستبدو الصورة كأنها مواجهة بين حكومة شمالية ومعارضة جنوبية وآمل الا يكون ذلك مقدمة لغرض تقسيم دينى وعرقى فى البلاد " انتهى .
فى الحكومة الائتلافية الثالثة سيطر حزبا الامة والجبهة على وزارات القطاع الاقتصادى الاساسية حيث استلم عمر نور الدائم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى ومبارك الفاضل وزارة التجارة الخارجية وعلى الحاج وزارة التجارة الداخلية وعبد الوهاب عثمان مسئول المكتب الاقتصادى للجبهة وزارة الصناعة . فكيف ستواجه حكومة الوفاق هذا الوضع المتردئ ؟ وما هى سياساتها وبرامجها ؟؟؟ .
بدأت الحكومة الائتلافية اول ما بدأت سياساتها الاقتصادية بما اسمته ( البرنامج الرباعى للانقاذ والاصلاح والتنمية ) والذى تم الاتفاق حوله مع صندوق النقد الدولى فى اكتوبر 1987 م والبرنامج نفسه لم يعلن ولم يطرح للمناقشة العامة وقد تم اعداده على وفق توجهات صندوق النقد الدولى .
يقول محمد على جادين فى كتابه ( تجربة الديمقراطية الثالثة ( ولكن السؤال هو هل تغيرت توجهات البنك والصندوق ام ان توجهات الصادق هى التى تغيرت خاصة بعد اتفاقه مع الصندوق فى اكتوبر1987 م وتكوينه لحكومة الوفاق فى مايو 1988 م  . يقول الصادق المهدى فى الاجتماع الاول لمجلس التخطيط القومى ( وتجربة السودان مع البنك الدولى تؤكد أنّ الصحوة التى عمت منظمات الامم المتحدة التى كانت منغمسة فى فك ليبرالى الى فردى قد بسطت شعاعها على البنك الدولى . اما الصندوق فأننا ناخذ عليه اربعة مأخذ اساسية ....... ومع ذلك فأن تجربتنا مع الصندوق تقول انه هو الاخر قد بدأ يتخلى عن بعض تلك المأخذ ولكن نظرته بجدوى تعديل الصرف ما زالت غير واقعية ) صحيفة الهدف 31/3/1988 خطاب رئيس الوزراء فى مجلس التخطيط القومى .
تخلى الصادق المهدى عن مقررات المؤتمر الاقتصادى الذى توصل الى ميثاق اقتصادى وقعت عليه الاحزاب السياسية والاتحادات والنقابات وتنظيمات اصحاب العمل واكدت على ضرورة التعاون والتكاتف من اجل انقاذ الاقتصاد الوطنى وانجاح الخطة المقترحة ولكن حكومات الصادق المتعاقبة أبت الا ان تجهض هذا الامل .







No comments: