من اجل السودان والديمقراطية وحقوق الانسان

مدونتى الخاصة تحتوى على مقالات سياسية وثقافية وبعض من النثر والخواطر من اجل سودان معافى وسودان يسع الجميع

Friday 15 November 2013

احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (3 )


احصائيات حول التجربة الديمقراطية الثالثة فى السودان (3 )
بكرى سوركناب
وفعلا جاءت ميزانية حكومة الوفاق تقليدية فى مصادرها وايراداتها وفى اتجهات انفاقها فمعظم الايرادات يتحمل اعبائها اصحاب الدخول المحدودة والثابتة ومظم الانفاق الحكومى يذهب الى مجالات لا علاقة لها بالانتاج وذيادته وقامت باجراءات عديدة تدل على انحيازها لتنمية الفئات الطفيلية على حساب الملايين من جماهير الشعب مثل الغاء شركات الامتياز ( شركة الحبوب الزيتية وشركة الصمغ العربى .... الخ ) والغاء احتكارها لتصدير لتصدير الحبوب . وعدم تحديد حد ادنى لاسعار محاصيل الصادرات بيع شركة الهيئة الاقتصادية العسكرية للقطاع الخاص وتحويل الفنادق الحكومية للقطاع الخاص وايضا البنوك الحكومية ومشاريع النيلين الابيض والازرق وبيع الاراضى الحكومية فى منطقة النقل الميكانيكى والنقل النهرى بالخرطوم بحرى وزيادة الاعفاءات الجمركية وتحديد اسعار السلع الاساسية " السكر . الخبز . الدقيق . الادوية . المواد البترولية .......... الخ وضع سعرين للبنزين سعر للتموين وسعر تجارى ويعنى ذلك اشاعة الاتجاهات الليبرالية فى الاقتصاد الوطنى . كما قامت بتخفيض سن المعاش الاختيارى الى عشرين عاما فى الخدمة وتطبيق التجنيد الاجبارى وترشيد الاستخدام فى القطاع العام وذلك يعنى تخلى الدولة عن واجبها فى توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين .
كل هذا ان دل على شئ فانما يدل اتجاه الحكومة الائتلافية الثالثة لتنمية فئات الراسمالية التجارية والطفيلية وافقار الملايين من المنتجين فى المدن والارياف ورغم كل ذلك فقد وجدت حكومة الوفاق معارضة واسعة ومتزايدة ظلت تحاصرها فى كل خطواتها وتؤكد انه لا مخرج من ازمة الحكم القائمة خارج اطار الديمقراطية ومواثيق الانتفاضة وقواها .
ولجأت الحكومة وخاصة ( تحالف الامة والجبهة ) الى نفس اساليب نميرى عندما حاولت فرض ديكتاتورية مدنية تحت غطاء الشريعة من خلال ( مشروع القانون الجنائى ) ومحاولة فرضه بالمراوغة وتجاهلت تماما جوانب العدل والحرية وحقوق الانسان ولقد كشفت سياسات كوارث الامطار والسيول هذه السياسات .
كانت كوراث الامطار والسيول التى شهدها السودان فى خريف 1988 م امتحانا عسيرا لقدرة الحكومة وفى ذلك يقول عبد الرحمن الامين فى كتابه ( ساعة الصفر ) ص78 : " بيد انه مع تسليمنا بهذه الاقدار الربانية الا اننا نقول بأن الامم تحتاج فى مواجهة مثل هذه العوادى الجليلة لنوع نادر من القيادات . قيادات ذات فكر ثاقب يستبق الازمات بالتخطيط العلمى المحسوب ...... لعرفوا بأن الزحف الصحراوى لا محالة قادم ولعرفوا ايضا ان هلاك الغطاء النباتى لابد ان يشكل خطرا على ثروات البلاد الحيوانية والزراعية .... ولو انهم وظفوا بعض من الوقت الذى اضاعوه فى التصريحات والنقر والتنافر مع منافسيهم على طريقة الديوك المقفصة لعرفوا نوعية الصراع وتاريخه ومستجداته وشخصيات اللاعبين وخلفياتهم ونقاط ضعفهم وقوتهم " انتهى .
اكدت هذه الكوارث عمق الازمة الشاملة التى تعيشها البلاد كما أكد ضعف جهاز الدولة وتدهور فعاليته فى ادارة ابسط مسئوليات الحكم فقد وجدت الحكومة نفسها عاجزة ومشلولة لا تملك احتياطى من المواد الغذائية والوقود والادوية ...... الخ .
يقول الاستاذ محمد على جادين فى كتابه ( تجربة الديمقراطية الثالثة ) صفحة 236  " والواقع أن الحكومة لم تكن اصلا مشغولة بقضايا وهموم جماهير الشعب بل كانت مشغولة بصراعات اطرافها حول توزيع مناصب السلطة المركزية والاقليمية ومصالحها الطبقية والضيقة واعداد القوانين المقيدة للحريات والحقوق الاساسية ففى هذه الظروف الحرجة اعلنت لائحة طوارئ اكثر تشددا من اللائحة التى عارضتها الجبهة الاسلامية فى منصف عام 1987 م وذلك بحجة مواجهة ظروف الكوارث ووصفت نقابة المحاميين بأنه استغلال بشع للظروف المأساوية التى تعيشها البلاد ومحاولة غادرة لاعادة قانون امن الدولة والاعتقال التحفظى " ..... انتهى .
ولو جئنا فى منحى اخر لمعرفة كيفية ممارسة الديمقراطية فى وطنى العزيز والذى يتمثل فى حادثة ( القانون الجنائى ) الذى حاولت الجبهة الاسلامية وفى محاولة ماكرة منها أن تفرضه على الواقع السودانى واصرار اعلام الجبهة بأن القانون تمت اجازته وأن تحويله من مجلس الوزراء الى الجمعية التأسيسية يعتبر اجازة له من مجلس الوزراء وفى ذلك قال محمد عثمان الميرغنى " ان الجمعية التأسيسية لم تجز مشروع القانون المقدم من دكتور حسن الترابى بل اجازت مشروع الاتفاق المقدم مع مشروعات القوانين المقدمة من حزبى الاتحادى والامة ولجنة ( النصرى ) واية قوانين اخرى لى لجنة التشريع بالجمعية " وقد دارت كثير من المغالطات حول هذا الصياغ ( وقد اعتبرت كل الاطراف فى الحكومة ان ما حدث فى الجمعية التأسيسية هو اتفاق سياسى ولا يمكن اعتباره باى حال اجازة لمشروع القانون الجنائى فيما عدا الجبهة الاسلامية القومية التى اصدرت على أن مشروع القانون الجنائى تمت اجازته فى مرحلة القراءة الثانية ) راجع كتاب محمد على جادين " تجربة الديمقراطية الثالثة " ص 266 .
وقد ادئ تعنت الجبهة الاسلامية القومية فى الالتفاف على الاجماع الذى تبلور حيال مشروع القانون الجنائى الى ادخالها فى عزلة خانقة وذاد من قبضتها على عنقها موقفها من التطورات التى شهدتها الساحة السياسية على صعيد الجهود المبذولة لاحلال السلام بالبلاد . 



No comments: